علي خميس يمثلني ويشرفني
هاني الفردان
أعتبر نفسي من المتابعين الجيدين للشأن الرياضي كحال الكثير من البحرينيين الذين ارتبطوا منذ صغرهم بهذا المجال، وقد دهشت كثيراً وأنا أشاهد «أبطالاً» يتحدثون عن تمثيلهم للبحرين ليس باللغة العربية كما كان قبل سنوات، بل بلغة أجنبية ويتحدثون عن بلدانهم الأصلية.
في العام 2005، مثل البحرين اللاعب العربي المغربي الأصل رشيد رمزي في بطولة العالم العاشرة لألعاب القوى في هلسنكي وحقق الميدالية الذهبية لسباق 1500 متر، فمن منكم يتذكره؟ وأين هو الآن؟ وماذا قدم إلى البحرين وشبابها؟ وأين تلك الميدالية التي حققها؟
عداؤون «بحرينيون» من أصل نيجيري ذكروا أنهم وجدوا فرصتهم في البحرين، وهي الفرصة التي لم يحصلوا عليها في بلدهم الأصلي، بسبب كثرة الموهوبين هناك، فلماذا لا يحصل على هذه الفرصة البحرينيون؟
تجربة العداء البحريني علي خميس، الذي واصل تألقه في مسابقة 400 متر بأولمبياد «ريو 2016» وتمكن من تحطيم رقمه الشخصي مرتين، وكذلك احتلال المركز السادس عالميّاً في هذا السباق بعد أن كان من بين الثمانية الكبار في المسابقة بعد أن تأهل للنهائي، وعلى رغم حلوله ثالثاً في مجموعته التأهيلية، فإنه تأهل للنهائي بحصوله على ثاني أفضل زمن من بين العدائين غير المتأهلين بشكل مباشر، حيث قطع علي خميس مسافة الـ 400 متر في زمن قدره 44.49 ثانية واستحق أن يصل إلى النهائي.
علي خميس كان حديث الشارع البحريني طوال مسابقات الأولمبياد في البرازيل، فقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن صوره ومقاطع الفيديو لسباقاته، وفرحته وتصريحاته، لقد شغل بال جميع البحرينيين بلا استثناء، فكان بحق ممثل البحرين في الأولمبياد.
لم يحقق خميس أية ميدالية، لكن حقق آخرون ميداليات ضمن البعثة البحرينية، لكن لم يذكرهم أحد، ولم يفرح لهم الناس كما فرحوا لما حققه ابن بلدهم علي خميس.
فرحة الشعب والناس هي الغاية الكبرى من مثل هذه السباقات، وما تحقيق الإنجازات والميداليات إلا من أجل أن تفرح الشعوب بإنجازات وقدرات أبنائها، ولذلك فرح شعب البحرين لعلي خميس، ولم يفرحوا لغيره؛ لأن خميس منهم ويمثلهم.
هل استطاعت المؤسسة الرياضية تحقيق الإنجاز الذي كان يطمح إليه كل بحريني من خلال «غير البحرينيين»؟ لا أعتقد ذلك فشعب البحرين فرح بالمركز السادس لعلي خميس، ولم يفرح بميدالية ذهبية أو فضية حققها غيره، لماذا؟
لا يمكن لأحد أن ينسى البطل البحريني أحمد حمادة، ولا البطلة البحرينية رقية الغسرة، اللذين تباهى بهما كل بحريني؛ لأنهما مثلا البحرين والبحرينيين، إذ خرجا من رحم هذه الأرض، وارتبطا بأرضها ومائها وزرعها، خرجا ليقولا للعالم: نعم، إن البحرين قادرة على إنجاب الأبطال وتربيتهم، لذلك لم ينسهم أحد، ولايزالان في قلب البحرينيين بإنجازاتهم التي يفتخر بها الجميع صغاراً وكباراً.
السؤال المطروح على المؤسسة الرياضية: هل عجزتم عن اكتشاف الأبطال؟ وهل البحرين بحاجة إلى بطولات من غير أبنائها؟ وهل يعتبر ذلك فخراً لنا؟ البحرين كانت أول المنتقدين لدولة خليجية سارت على النهج الذي تسير عليه المملكة الآن، وكان ذلك على لسان مسئول كبير في هذه المؤسسة، عندما قال: انظروا للاعبي ذلك المنتخب كلهم من «...»، عندما كانت هناك مواجهة بين منتخبنا ومنتخب تلك الدولة!
إن المؤسسة الرياضية تصرف الآن الأموال الباهظة من أجل إنجاز سيسجل في الكشوفات العالمية باسم البحرين، لكن بسواعد غير بحرينية، فأي فخر هذا يا بلدي؟ بلدي بها الكثير من الطاقات، فمن هذه الأرض خرج حمادة وخرجت الغسرة وخرج علاء حبيل وسالمين وحمود سلطان وكذلك حاليّاً علي خميس وغيرهم كثيرون لا يسعني أن أذكرهم، الذين صبرنا عليهم كثيرا لتخرج لنا فرق واعدة من أبناء هذه الأرض.
شاهدنا في الأولمبياد من مثَّل البحرين، وشارك في مسابقات ولم يحقق شيئاً بل بعضهم انسحب من السباقات حتى قبل بلوغ خط النهاية، فأيهم كان أولى بأن يحظى بهذه التجربة، ابن البلد، أم ذلك العداء أم السباح، أم أي لاعب من بلد آخر، لم يقدم حتى إضافة نوعية.
أتمنى من رجال المؤسسة الرياضية إعادة النظر في سياساتها، التي لن تخدم البلد، ولن تنجب جيلاً رياضيّاً، وإنما ستدمر الرياضة البحرينية. معظم الأسماء المطروحة الآن على ساحة بطولة العالم لألعاب القوى والتي تمثل البحرين هي أسماء لا تمثلني، تم جلبها من أجل حصد ميداليات البطولات الرياضية ومع ذلك لم نحصد سوى ميداليتين (ذهبية وفضية) والبقية لم يقدم شيئاً يذكر، دون تطوير الرياضة لدينا فأين رشيد رمزي وآخرون من البحرين الآن؟
في القريب العاجل قد نرى فريق كرة قدم، كرة سلة وطائرة ويد وكل الألعاب من غير أبناء بلدنا، فعندما يعجز منتخبنا لكرة القدم عن تحقيق الإنجاز الذي يطمح إليه كل مواطن والوصول إلى نهائيات كأس العالم... هل سيلجأ اتحاد الكرة إلى شراء الفريق الكيني أو الكاميروني أو النيجيري لإيصال منتخبنا إلى كأس العالم؟ وهل تسعى وزارة شئون الشباب والرياضة من خلال صرف موازنتها كلها على جذب الساعين وراء المال إلى تحقيق الإنجازات لنا، وكأننا نشتري ما يقتل الرياضة لدينا؟
نعم علي خميس، وسبقه كثيرون من أبناء جلدتنا، رفعوا رأسنا بإنجازاتهم وأرقامهم وبطولاتهم حتى وإن كانت بسيطة، فهي بالنسبة لنا عظيمة ومحل فخر واعتزاز وتقدير.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5103 - السبت 27 أغسطس 2016م